,

الهندسة العكسية لحل الأزمة الليبية (Reverse engineering)

الهندسة العكسية لحل الأزمة الليبية (Reverse engineering)

مقدمة:

رئيس الحزب المدني الديمقراطي

د. محمد سعد أمبارك رئيس الحزب المدني الديمقراطي

لعله من المنصف القول بأن المشكل السياسي الليبي الذي يبدو لنا معقداً هو حصيلة تراكم لسياسات إستمرت لعقود من الزمن، تفاقم الوضع فيها مع وجود الفراغ السياسي والتشريعي وغياب الدستور الدائم الملائم، وتمت تغذيته بثقافة الغنيمة والفساد التي تتسم بها الدولة الريعية، وتعاظمت تأثيراتها مع وجود الفوضى وتعطيل القانون، وغياب الآليات المنظمة للسلطات التشريعية والتنفيذية والفصل بينها، وساعد على تفاقم الوضع انتشار وإنفلات السلاح وتشكيل الميليشيات المسلحة، وعقدته التدخلاتالدولية السلبية منذ بداية التغيير في فبراير 2011م، حاملة معها مشاريع خارجية مزعزعة 

للإستقرار ومقوضة للسيادة الوطنية. ناهيك عن إنتهاز التنظيمات الإرهابية للوضع الأمني الهش والذي سهل تقاطرها من كل حدب وصوب، وكان لتحالفها مع قوى محلية ودولية سبباً مباشراً ساهم في سيطرتها على بعض المناطق مثل بنغازي ودرنة وسرت وصبراتة وغيرها، فكانت ضريبة التغلب عليها وإخراجها مكلفة وباهضة، وهي للأسف لازالت منتشرة في الجنوب ومتواجدة بشكل مستتر في العديد من المنشأت والمدن والمناطق، وتمثل تهديدا قادماً من أو موجهاً إلى دول الجوار، وتعرض الأمن القومي للخطر مع ما تشكله الهجرة الغير قانونية كسبب أخر في زعزعة الأمن والإستقرار الليبي والإقليمي.

تداعيات الانقلاب على المسار الديمقراطي:

بالرغم من نزاهة الانتخابات التشريعية في سنة 2014م ونجاحها في كل أنحاء الوطن، إلا أن عدم القبول بنتائجها من أطراف بعينها وتحججها بمبررات بروتوكولية أو قانونية لاقت قبولا من البعض ومنها دول أجنبية، وإستخدمت للأسف القضاء وبشكل يكتنفه الغموض بالدوافع والتفسيرات في الانقلاب على المسار الديمقراطي مما تسبب وساهم في الانقسام السياسي، كما أن هذا الإنقسام السياسي الذي تبلور في وجود حكومتين ومجلسين تشريعيين، وما تبعه بعد ذلك من أزمات أمنية ومعيشية وتكاثر للقوى الميليشياوية، ونشوب حرب فجر ليبيا التي إنتهت بسيطرة ميليشيات بعينها على مقاليد الأمور وهيمنتها على مؤسسات الدولة ومنها المصرف المركزي وأموال الشعب ومقدراته، مما ساهم في تعزيز الانقسام وتبعها حدوث إغلاق للموانيء النفطية، وإتخاذ إجراءات أحادية من كلا الطرفين أضرت بالمصلحة الوطنية وبالاقتصاد الوطني.

تداعيات التوافق السياسي في إتفاق الصخيرات:

إتفاق الصخيرات الذي لم تبذل فيه العناية الكاملة ولم يحقق النتائج المرجوة، لم يتمكن من توحيد البلاد ولا من حل الميليشيات في الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في ملحقاته، ولم يعالج الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت، وضاعف من أعمال النهب والفساد، وساهم في إطالة عمر المؤتمر الوطني العام بشقه الذي رفض نتائج الانتخابات، وبذلك أخذ الصراع صفة التنازع بين أجسام إنتهت صلاحياتها جميعاً، وتفاقمت من خلالها الأوضاع المعيشية للمواطن، وأستخدمت فيها وسائل الضغط مثل إيقاف نظام المقاصة المصرفية مع مصارف المنطقة الشرقية، والحرب الإعلامية التي عملت على بث الفتن وتجذير الانقسام وإستمرار سيطرة الميليشيات، وتسببت في إيقاف الجهود السلمية ومؤتمر غدامس ونشوب القتال حتى وصل إلى داخل طرابلس، مما إستدعى إستقدام المرتزقة والقوى الأجنبية وأنذر بحصول حرب بالوكالة وإستدعاء لقوى إقليمية أخرى في حرب لا تبقي ولا تذر لا قدر الله.

تداعيات التوافق الدولي (مخرجات برلين):

كان للإتفاق الدولي في برلين دوراً مهما في التقليل من التدخلات الأجنبية أو بالأحرى في توحيد المجتمع الدولي، وبعث روح من التفاؤل وخلق آليات للحوار في المسارات العسكرية والسياسية والاقتصادية، حيث حقق المسار العسكري العنصر الأهم في إيقاف القتال وإتخاذ الخطوات اللازمة لحلحلة المشاكل العسكرية والأمنية، وفشل إلى الآن في إيقاف توريد السلاح وفي إبعاد المرتزقة وإجلاء القوات الأجنبية وفي توحيد المؤسسة العسكريةولعله ينجح بالمساندة الدولية المقدرة، وكان للمسار السياسي نجاح في إعتماد خارطة الطريق وإنتاج السلطة التنفيذية، وفشل في إحداث التوافق حول القاعدة الدستورية وقوانين الانتخابات. كما ساهم ضعف إدارة البعثة للحوار إلى جانب وجود وهيمنة الآجسام السياسية المتسببة في إستمرار الأزمة وفي عدم قدرتها على تجاوز العراقيل التي كانت قد تسببت فيها، كما أن المسار الاقتصادي لم يحقق المرجو منه ووقف عند خطوة توحيد سعر الصرف الذي أضعف قوة الدينار الليبي الرسمي، ولم يتم تطبيق الإصلاحات الاقتصادية، ولا توحيد المصرف المركزي ولا حتى فتح المقاصة بين المصارف شرق وغرب البلاد، مما ساهم في ضعف القوة الشرائية للمواطن وزاد من أعباء المعيشة عليه.

تداعيات مشروع جنيف:

لم تحقق حكومة الوحدة الوطنية المرجو منها في توحيد مؤسسات الدولة كما ينبغي، وزادت في إجراءاتها وقراراتها من حدة المركزية، وإن لم يعتمد لها البرلمان الميزانية المقترحة، فلم تعدم الوسيلة في الأنفاق بسخاء، ولكنها لم تتمكن من معالجة مشاكل الكهرباء ولا تحسين الخدمات، وزادت حدة مشاكلها مع تفاقم أزمة كوفيد-19 والانفلات الأمني، وتضخم القطاع العام وتضاعف المصروفات الحكومية الغير مقننة والتي تنذر بتداعيات مالية واقتصادية في ضؤ إعتماد الدخل على سلعة النفط الوحيدة والغير مؤمنة، وما يصاحبها من تراكم الأزمات الإدارية والمالية وهشاشة البنية التحتية. كما تبين من كل الأطراف ومن البرلمان التردد في الالتزام بخارطة الطريق وتنفيذ الانتخابات في موعدها المقرر في ديسمبر القادم بالرغم من الضغوط المحلية والدولية وتأخر كثيراً إصدار التشريعات المنظمة للإنتخابات. 

آليات الحلول الممكنة:

لب الحديث ينصب حول آليات الحلول الممكنة وإمكانيات حدوث إختراق يضمن معالجة الأزمة السياسية الليبية بأبعادها الدولية، ويخلق المبادرات التي تعالج أسباب هذه الأزمة، ويمهد الطريق نحو إستعادة الدولة وحدوث الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني. ولن يكون من المجدي لنا الاستمرار في وضع الحلول للمظاهر الخلافية لكي نصل إلى النتيجة المرجوة ومن خلال مشاركة الأطراف المتنازعة، والتي من المؤكد أنها لاتمثل إمتداداً شعبياً حقيقياً، ولكنها تتحرك وفق مصالح خاصة بهذه الأطراف وبمن يدعمها، وتؤثر فيها مواقف مسبقة وتقييمات ليست بالضرورة صحيحة، ولذا فإننا لا نتوقع ممن كان سبباً في الازمة أن يكون جزءاً من الحل.

إن إستخدام تقنية الهندسة العكسية وبالتفكير فيما يجب أن تكون عليه الدولة وما تتطلبه حالة الاستقرار بعيدا عن المطالبات الآنية والمناكفات من إي طرف كان، وتبلور تصوراً يستجيب إلى ما يتوق إليه الليبيون والليبيات، يجب أن نستخدمها كوسيلة للوصول إلى وضع الاستقرار وتأسيس الدولة المدنية الديمقراطية، ولسنا مطالبين من خلالها بإختراع العجلة من جديد، فهناك العديد من التجارب الدولية التي يمكننا الاستفادة منها وبما يتوافق مع خصوصيات مجتمعنا ومتطلباته، وإذا ما توصلنا إلى معرفة شكل الدولة وعناصر الاستقرار فيها ورسمنا ملامحها، فإن آليات التنفيذ أيضا يجب أن تقلل من او تبتعد عن الاعتماد على عناصر الأزمة وأطرافها.

هذا يتطلب منا التفكير في عناصر التنفيذ الضامنة للنجاح بعيدا عن الأجسام والأطراف المتنازعة والتي تقلل من شأنها وتضعف من قدرتها على التأثير السلبي في مشروع الحل ومنها:

1.     وجود إرادة شعبية مؤيدة ومرحبة بالمشروع والداعمة إلى إنهاء كل الاجسام السياسية المساهمة في السلطة حالياً.

2.     تشجيع وتقوية التفاهمات العسكرية (لجنة 5+5 العسكرية) والبناء عليها وتحقيق وحدة المؤسسة العسكرية، وإستخدامها دون غيرها في تحقيق الأمن وإحتكار العنف.

3.     تعزيز سيادة القانون وإيقاف كل التجاوزات القانونية ومحاربة الفساد المالي والإداري.

4.     خلق فرصة لإعادة الشرعية بالانتخابات الرئاسية والتشريعية وإستغلال نجاح التحول الديمقراطي في تشكيل السلطة التنفيذية وآليات الحكم المحلي، وتكليف لجنة فنية من مختصين لوضع مقترح ملائم وجديد للدستور الدائم، وإجراء الانتخابات العامة بعد الاستفتاء على الدستور المقترح، وبالتزامن مع البدء في مشروع تحقيق المصالحة الوطنية.

5.     تفعيل القضاء وضمان استقلاليته ونزاهته وتوفير متطلباته.

6.     وجود إرادة دولية قوية داعمة للمشروع ومساندة له ومتوافقة في مجلس الأمن.

ستمثل ملامح المشروع وهندسته الرؤية الوطنية الواضحة التي تتم من خلالها إجراءات الإصلاحات الاقتصادية وهيكلة مؤسسات الدولة، وتنظيم الحكم المحلي وسيادة القانون، وترسيخ المسار الديمقراطي وتوسيع دائرة المشاركة السياسية بما فيها مشاركة الشباب والمرأة، وتضمن تحقيق الاستقرار الأمني والحفاظ على وحدة البلاد والسيادة الوطنية، وتساهم في إستقرار المنطقة، وتمهد لتحسين مستوى المعيشة وتحسين الخدمات ووضع آليات المصالحة الوطنية، ومحاربة الفساد وإيقاف النزيف والإهدار في المال العام، والبدء في مرحلة إعادة الإعمار والبناء.

خاتمة:

عندما تتكامل الصورة حول ما يجب أن تكون عليه وضعية البلد وتكون البوصلة واضحة وجلية، فإن إتجاه المسير لكل الأطراف إلى ذلك الهدف ستكون بينة ولا لبس فيها، ولن نرهق أنفسنا في إيجاد الحلول لأي طرف منها، لأنه حينها سيعرف كل طرف طريقه وما يجب عليه فعله، ويعرف كيف ينجي نفسه ومن حوله، وكيف يكون شريكا في المرحلة القادمة لا أن يكون مطالبا قانونيا محلياً ودولياً.

حفظكم الله وحفظ الله ليبيا

د. محمد سعد أمبارك

رئيس الحزب المدني الديمقراطي

,

صحيفة الحياة تنشر مقالة لرئيس الحزب عن دور الاحزاب في الممارسة الديمقراطية

نشرت صحيفة الحياة الليبية في عددها الصادر اليوم مقالة للسيد رئيس الحزب المدني الديمقراطي الدكتور محمد سعد بعنوان: المشاركة السياسية والممارسة الديمقراطية ودور الاحزاب .

,

صحيفة الحياة الليبية تنشر مقالة لرئيس الحزب المدني الديمقراطي

شرت صحيفة الحياة الليبية مقالة للسيد رئيس الحزب المدني الديمقراطي الدكتور محمد سعد تحت عنوان: “أزمة الوطن“.

رابط المقالة:

,

أزمة الوطن .. والنهايات المحتملة

محمد سعد رئيس الحزب المدني الديمقراطي

أزمة الوطن .. والنهايات المحتملة

بقلم الدكتور محمد سعد رئيس الحزب المدني الديمقراطي

الدكتور محمد سعد رئيس الحزب المدني الديمقراطي

الدكتور محمد سعد رئيس الحزب المدني الديمقراطي

لعل الأزمة الحقيقية هي في انتهاء شرعية كل الأجسام القائمة التي تتشبث بالسلطة وعدم تقبل الشعب لها، ولكي تتجدد هذه الشرعية من قبل الشعب مصدر السلطات، تكون الوسيلة الأفضل والأسهل هي بالانتخابات النزيهة، واذا ما تعذرت الانتخابات فالحل يكمن في مؤتمر تأسيسي يضم كل شرائح الشعب، والذي يشترط فيه ان تبعد عنه كل الاجسام الحاكمة المنتهية الشرعية والمتسببة في الأزمة، يتولى هذا المؤتمر إنتاج سلطة تنفيذية بدون محاصصة، ويحدد أهداف المرحلة، ويضع القواعد الدستورية المؤقتة والمناسبة للحكم في مرحلة مؤقتة، ويؤسس للمرحلة الدائمة بدستور دائم يستفتى عليه الشعب، وانتخابات عامة تشريعية وتنفيذية.
البدائل الأخرى تكمن في استمرار الوضع الراهن واستمرار الأزمة وتفاقمها إلى حين وقوع المحضور في اندلاع الحرب او في الانقسام.
الشرعيات البديلة حينها تكون اما الشرعية الثورية بقيام ثورة شعبية قد تنجح وتحقق طموحات الشعب، وقد تفشل وتتحول إلى فوضى وفقد للاستقرار وتضحيات جمة، ويمكنها ترك البلاد عرضة للاستعمار وانهيار مؤسسات الدولة والاقتصاد.
الشرعية الأخرى ستكون بواسطة الحسم العسكري واقامة الشرعية العسكرية وتلك ممكنة ومختصرة اذا ما كانت تمثل الإرادة الوطنية، وممكنة اذا ما سمح لها المجتمع الدولي، وتنجح اذا اعقبها نجاح في المسار الديمقراطي في استفتاء على دستور دائم وإقامة الانتخابات، وستفشل اذا ما تحولت إلى حركة فاشية واستبداد ومنع للحريات وللمشاركة السياسية.
العنصر الأهم الذي تستمد منه القوى السياسية الحاكمة والعابثة بمصير الوطن هي الميليشيات والتدخلات الأجنبية، ولذا فان اي حل حقيقي لأزمة الوطن لابد ان يمر من خلال إنهاء الميليشيات وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية وتقوية الإرادة الوطنية، ولهذا السبب تستمد اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 أهميتها ويستمد الجيش الوطني مكانته وضرورته.
الأمر الأخر المهم هو ان اي محاولة لتمديد او تجديد الحوار السياسي من خلال أعضاء ينتمون للمؤسسات السياسية الحاكمة والمسيطرة على مقاليد الأمور سوف لن تثمر ولن توفر حلا لمشكلة ليبيا.
,

ديمقراطيتنا المنقوصة

محمد سعد رئيس الحزب المدني الديمقراطي
محمد سعد رئيس الحزب المدني الديمقراطي

أ.د. محمد سعد رئيس الحزب المدني الديمقراطي

ديمقراطيتنا المنقوصة

أ.د. محمد سعد رئيس الحزب المدني الديمقراطي

في الآليات الديمقراطية توجد ضمانات للتوازن بين السلطات الثلاثة، وبضمانة المرجعية الكاملة للشعب كمصدر لهذه السلطات، و في تلك الآليات أيضا سبل لمعالجة المختنقات السياسية من خلال هذا التوازن، ومن خلال دور وفاعلية هذه السلطات وصلاحياتها، والمؤكد لدينا أننا لا نفتقد لهذه الآليات فقط ولكننا نفتقد لوجود هذه السلطات نفسها وإلى فاعليتها.
نشهد تعطيل للسلطة القضائية من خلال تجميد الدائرة الدستورية في المحكمة العليا بسبب التهديد بالسلاح ضدها، مما يستوجب منا العمل على ضمان احتكار الدولة للسلاح وحل كل الميليشيات. ولا نملك سلطة تنفيذية منتخبة في هيئة رئيس منتخب من الشعب وله صلاحيات كاملة ، وحتى وإن كان هناك بصيص أمل في امكانية تحقيق هذا الانتخاب في ديسمبر القادم، فإن الجهود المعرقلة لا تنفك من المحاولة في تعطيل انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب أو انجاز هذا الانتخاب بصلاحيات محدودة. أما عن السلطة التشريعية فإنها قد اصيبت في مقتل عندما تعطلت آلية التداول السلمي بين المؤتمر الوطني العام والبرلمان المنتخب بالاحتكام للسلاح والانقلاب على المسار الديمقراطي في فجر ليبيا، وما تبعه من ازدواجية تشريعية فرضت علينا، ومن انقسام وفشل للبرلمان المنتخب ولكل مؤسسات الدولة.
ان واقعنا السياسي الذي انعكس على واقعنا الاقتصادي والمعيشي يستوجب التغيير وانتخابات ديسمبر القادمة تمثل الفرصة الوحيدة التي سيكون بديلها تجدد العنف او استمرار التردي إلى الوصول إلى تفكك وانهيار الدولة لا قدر الله، ولكنها أيضا ليست الحل الوحيد، ولكنه يتوجب انهاء كل الاجسام السياسية القائمة وضمان التسليم بمخرجات العملية الانتخابية من كل الأطراف وحل كل الميليشيات وخروج كل المرتزقة والقوات الأجنبية واستعادة سيادة القانون وفاعلية السلطات الثلاثة (التشريعية والتنفيذية المنتخبة والقضائية المستقلة).
حفظكم الله وحفظ الله ليبيا

,

دعوة لنقاش عام وشامل حول النظام الانتخابي الأنسب لليبيا

دعوة لنقاش عام وشامل حول النظام الانتخابي الأنسب لليبيا
دعوة لنقاش عام وشامل حول النظام الانتخابي الأنسب لليبيا

أ.د. زاهي بشير المغيربي أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية

بقلم أ.د. زاهي بشير المغيربي أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية

تسعى هذه السطور إلى تحقيق هدفين متلازمين:
1. دعوة إلى طرح موضوع النظام الانتخابي المناسب لانتخابات مجلس النواب ورئيس الجمهورية، المزمع عقدها في 24 ديسمبر 2021، للنقاش العام نظرا لأهميته الجوهرية في تحديد تركيبة السلطة التشريعية على وجه التحديد وأدائها لعملها. وفي هذا الطرح دعوة لمجلس النواب والمفوضية العليا للانتخابات، ومعهما المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية والمجلس الأعلى للدولة، لعرض قانون الانتخابات بما يتضمنه من نظام انتخابي مقترح قبل إصداره للنقاش العام والعلني من قبل منظمات المجتمع المدني والأحزاب والكيانات السياسية والخبراء والمهتمين بالشأن العام من أجل الخروج بقانون انتخابات ونظام انتخابي يتلافى أخطاء القوانين والنظم الانتخابية السابقة، ويقلل من العيوب التي برزت من خلال الممارسات السابقة.
2. تقديم وجهة نظر شخصية حول ما أعتقد أنه النظام الانتخابي الأنسب للحالة الليبية وطرحه للنقاش العام المقترح. وسوف يقتصر نقاشي هنا على انتخابات السلطة التشريعية (مجلس النواب) بحسبان أن التجارب الانتخابية السابقة، بقوانينها ونظمها الانتخابية وما أفرزته من أعضاء بالسلطات التشريعية السابقة، قد أظهرت بشكل جلي عوار هذه التجارب الانتخابية وما نتج عنها من مترتبات سلبية لا تزال حاضرة في المشهد السياسي الليبي.
ولا أخفي في هذا المقام أن ملاحظاتي حول النظام الانتخابي الأنسب، للحالة الليبية، هي ملاحظات محابية لنظام القوائم ولا تفضل نظام الدوائر الانتخابية الفردية، كما سيتضح مما سيُعرض لاحقا.
ولتوضيح وجهة نظري حول النظام الانتخابي الأنسب، فإنني أبدا بعرض بعض محاذير نظام الانتخاب الفردي التي برزت من خلال التجارب الانتخابية السابقة، ثم انتقل إلى تحديد مزايا تطبيق نظام القوائم على الحالة الليبية.
أولاً: أهم محاذير استخدام نظام الدوائر الانتخابية الفردية:
أ‌. تغليب الجوانب الجهوية والقبلية والشخصية في انتخاب المرشحين الأمر الذي يؤدي إلى انتخاب مجلس نواب تسوده المصالح الجهوية والقبلية وتغيب عنه المصلحة الوطنية العامة.
ب‌. الانتماء السياسي والحزبي معيار مهم لتحديد خيارات الناخبين، وغياب المعلومات عن الانتماءات الحزبية والسياسية للمرشحين الأفراد يحرم الناخب من حق أساسي يبني عليه تفضيله لمرشح على آخر. ولنا في انتخابات المؤتمر الوطني العام عام 2012 شاهدا على تأثير ذلك على اختيار المرشحين الأفراد وعلى مواقفهم بعد انتخابهم في المؤتمر الوطني العام.
ت‌. إن استخدام نظام أكثرية الأصوات معياراً لنجاح المرشح وعدم حساب الأصوات الممنوحة للمرشحين الآخرين يؤدي إلى ضياع معظم الأصوات، ويصبح المجلس ممثلاً لأقلية من السكان وليس معظمهم. وبالتالي فإن القرارات الصادرة عنه لا تمثل الأغلبية وهذا موضوع خطير. وقد تجلى هذا بوضوح على وجه الخصوص في انتخابات مجلس النواب عام 2014.
ثانياً: مزايا نظام التمثيل النسبي وفق نظام القائمة الانتخابية المغلقة
لهذه الأسباب، فإنني أعتقد أن استخدام نظام التمثيل النسبي والقائمة المغلقة هو الخيار الأفضل في ظل هذه الظروف، خاصة إذا ما اُعتبرت ليبيا دائرة انتخابية واحدة ويقوم المواطنون بالاختيار من بين قوائم الأحزاب والكيانات المعروضة بشكل موحد في جميع أنحاء البلاد من خلال مراكز ومكاتب الاقتراع المنتشرة في كل المدن والمناطق. وفي هذا الإطار يمكن وضع ضوابط معينة فيما يتعلق بالأحزاب والكيانات السياسية منها:
أ‌. عدم التصريح لأية أحزاب قائمة على أسس قبلية أم جهوية أو فئوية أو طائفية أو عرقية.
ب‌. أن تعكس عضوية وبرامج الأحزاب أبعاداً وطنية.
ت‌. أن تعكس قوائم الأحزاب، وبالذات في نصفها الأعلى، التنوع الجهوي والعرقي والجندري (الذكور والإناث) والعمري والقبلي، وألا تحتوي على أسماء من مناطق بعينها فقط.
ث‌. النص في قانون الانتخابات على ضرورة حصول أي قائمة على ما لا يقل عن نسبة معينة من أصوات الناخبين (5% مثلا) لكي تحصل على مقاعد في مجلس النواب. وفي هذا النص إبعاد للأحزاب والكيانات القزمية وضمان لعدم تشرذم المجلس التشريعي.
ثالثاً: إن تطبيق نظام التمثيل النسبي والقوائم الانتخابية بهذه الكيفية سوف يضمن إلى حد كبير:
أ‌. عدم ضياع أي أصوات للناخبين حيث إن كل حزب أو كيان سوف يكون له مقاعد في المؤتمر الوطني العام يتناسب مع نسبة الأصوات التي تحصل عليها.
ب‌. عدم استناد التمثيل في المؤتمر الوطني العام على أسس قبلية أو جهوية أو فئوية أو عرقية، بل على برامج وطنية عامة.
وغني عن البيان أن نجاح أي عملية انتخابية وفق أي نظام انتخابي يرتهن لاشتراطات مسبقة يجب توفرها قبل خوض الانتخابات، وهي اشتراطات سياسية أمنية ولوجستية وتنظيمية يعرفها الجميع، ويأتي في مقدمتها وجود سلطة وطنية موحدة قادرة على بسط سيطرتها على أنحاء البلاد كافة عبر مؤسساتها السياسية والإدارية والعسكرية والأمنية الموحدة، بما يضمن إجراء انتخابات نزيهة وآمنة تعكس الإرادة الشعبية للمواطنين.
ويتمثل الاشتراط الأهم والأكثر تأثيرا، في ما أزعم، في مدى التزام النخب السياسية والاجتماعية المهيمنة باحترام مخرجات العملية الانتخابية والخضوع لإرادة الناخبين. ومن الواضح أن النخبة المهيمنة على المشهد السياسي في ليبيا الآن تعوزها القدرة والصفات المطلوبة، وربما ولا حتى الرغبة، لإنجاح النموذج الديمقراطي و بناء الدولة الديمقراطية المدنية، وشواهد العجز في التوصل إلى أي توافقات سواء عبر مجلس النواب أم المؤتمر الوطني العام أم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني أم الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور كثيرة وواضحة للعيان. فالتسامح وقبول الآخر والاعتدال وعدم التشبث بالرأي قيم ديمقراطية مهمة ولازمة لإنجاح الديمقراطية، وهي ثقافة مفقودة عند معظم النخب السياسية الليبية المتصدرة للمشهد السياسي والاجتماعي.
وأقر من البداية أنه من المحتمل أن يواجه مقترح نظام القائمة مقاومة عنيفة ورفضا من النخب السياسية والاجتماعية التي يناسبها استمالة التوجهات الجهوية والعرقية والقبلية المحلية التي تنعكس بصورة أوضح في نظام الدوائر الفردية. ويأتي هذا الرفض من واقع ارتهان هذه النخب لتلك التوجهات دون الوطنية وعجزها عن بلورة رؤية مجتمعية مشتركة حول ما الذي تعنيه ليبيا؟ وما يجب أن تكون عليه؟ وما الذي يعنيه مفهوم الدولة الديمقراطية المدنية؟ وما مضامين حقوق المواطنة؟ ويمثل مشروع بلورة هذه الرؤية الوطنية العامة والشاملة التحدي الأساسي الذي يواجه المجتمع الليبي، حيث إن غياب هذه الرؤية قد يؤدي إلى مزيد من الفوضى والتشرذم والصراع.
وفي النهاية أعتقد أننا، نحن الليبيين، أمام أحد مسارين: إما أن نستمر في صراعاتنا الضيقة، وفي لوم بعضنا البعض عن مآسي الماضي والحاضر وآلامهما، وفي تدمير مقومات العيش المشترك، وفي تفكيك مكونات الوطن الواحد؛ وإما أن نستمع لصوت العقل ونجلس جميعا معا، ونركز على بناء مستقبل أفضل، وعلى تأسيس دولة مدنية ديمقراطية قائمة على سيادة القانون والتسامح وعدم الإقصاء. ولعل انتخابات 24 ديسمبر هي الفرصة الأخيرة للحفاظ على الحد الأدنى من مقومات العيش المشترك وأسس الوطن الواحد. ألم يكفنا ما أضعنا من فرص؟
وحفظ الله ليبيا من أطماع أعدائها وحماقات أبنائها
, ,

المشاركة السياسية والممارسة الديمقراطية ودور الأحزاب السياسية

,

كما تكونوا .. يولى عليكم

محمد سعد رئيس الحزب المدني الديمقراطي     د. محمد سعد رئيس الحزب المدني الديمقراطي

      الكل يترقب الانتخابات القادمة ويحملها الآمال الواسعة في التغيير وفي تحسن الأحوال والظروف، ولكن هل فعلاً ستصدق هذه المقولة وسنحظى مجدداً بسلطات مثيلة لما نحن فيه الآن، وان تغيرت الاسماء والألقاب فالمقولة تقول انه لن تتغير هذه السلطات لا في فحواها ولا في مضمونها، وسيستمر واقعنا المؤلم إلى ما شاء الله. ومن قال ان هذا هو قدرنا وهذه ارادة الله فينا. وهل نحن فعلاً نستحق أفضل من هذا الواقع، أليس التغيير مطلبنا وآلا نستحق الأفضل لنا ولاجيالنا القادمة، ولماذا لا يحدث هذا التغيير المنشود؟ ولكن لا شك انه لكي يغير الله ما بنا نحتاج إلى ان نغير ما بأنفسنا، وهل نحن فعلاً تغيرنا وهل يمكننا أن نتغير، وما هو التغيير المنشود؟

      ولكي نتغير ونستعيد وطننا وننهض به علينا ان نحدد أوجه إخفاقنا لمعالجتها، ومواطن ضعفنا لتقويتها، ونشخص التحديات التي تحيط بنا لمواجهتها، ولنا الحق في معرفة مراكز قوتنا للاستفادة منها، والفرص المتاحة لنا لكي ننتهزها. هذا ما سيحدد أهدافنا في التغيير وتلك هي التي ستحدد بوصلتنا إلى الموقع الذي نرغب الوصول اليه (رؤية ليبيا الواعدة؛ دولة تحافظ على هويتها وتواكب الحداثة وينعم أهلها بالعيش الكريم).
      لا تلتفتوا إلى الاسماء مهما تعددت وإلى الوعود مهما كانت براقة، ولكن اهتموا بالبرامج وبالسياسات والرؤى، لن يجدينا تكرار سياسات أثبتت فشلها ولا العودة إلى الماضي، ولن يفيدنا تجاهل نواقيس الخطر التي يقرعها الخبراء من حولنا، ولا الاستمرار في ريعية الدولة.

      لا تفرحوا بمن سيجلب المعونات وسيوظف أولادكم في القطاع العام، وان لم تكن هناك حاجة لهذا القطاع المنهارة مؤسساته، لا تبحثوا عن الأسماء ولكن ابحثوا عن من يصدقكم القول ويواجهكم بحقيقة أنفسكم، ويدفعكم نحو العمل والالتزام بالقانون ويحارب بكم ومعكم الفساد، ويبعدكم عن ثقافة المحاصصة وثقافة الغنيمة والفساد والارتجال والاستسهال، ابحثوا عن المنهجية التي تواجه الميليشيات والتطرف وتوحد المؤسسات وتجعل الدولة تحتكر السلاح ولا تهادن ولا تتخاذل. انشدوا العدل والمصالحة والمواطنة المتساوية وإنفاذ القانون وتحرير الاقتصاد والحوكمة الرشيدة.

      إذا التغيير المنشود ورؤيته معلومة وممكنة، وما نحتاجه لكي تتحقق هو خلق الارادة السياسية التي تؤمن بليبيا الواعدة وبحشد الدعم المجتمعي لها، ولم يعد لنا وقت نضيعه وان 24 ديسمبر لناظره قريب.

حفظكم الله وحفظ الله ليبيا