كما تكونوا .. يولى عليكم
د. محمد سعد رئيس الحزب المدني الديمقراطي
الكل يترقب الانتخابات القادمة ويحملها الآمال الواسعة في التغيير وفي تحسن الأحوال والظروف، ولكن هل فعلاً ستصدق هذه المقولة وسنحظى مجدداً بسلطات مثيلة لما نحن فيه الآن، وان تغيرت الاسماء والألقاب فالمقولة تقول انه لن تتغير هذه السلطات لا في فحواها ولا في مضمونها، وسيستمر واقعنا المؤلم إلى ما شاء الله. ومن قال ان هذا هو قدرنا وهذه ارادة الله فينا. وهل نحن فعلاً نستحق أفضل من هذا الواقع، أليس التغيير مطلبنا وآلا نستحق الأفضل لنا ولاجيالنا القادمة، ولماذا لا يحدث هذا التغيير المنشود؟ ولكن لا شك انه لكي يغير الله ما بنا نحتاج إلى ان نغير ما بأنفسنا، وهل نحن فعلاً تغيرنا وهل يمكننا أن نتغير، وما هو التغيير المنشود؟
ولكي نتغير ونستعيد وطننا وننهض به علينا ان نحدد أوجه إخفاقنا لمعالجتها، ومواطن ضعفنا لتقويتها، ونشخص التحديات التي تحيط بنا لمواجهتها، ولنا الحق في معرفة مراكز قوتنا للاستفادة منها، والفرص المتاحة لنا لكي ننتهزها. هذا ما سيحدد أهدافنا في التغيير وتلك هي التي ستحدد بوصلتنا إلى الموقع الذي نرغب الوصول اليه (رؤية ليبيا الواعدة؛ دولة تحافظ على هويتها وتواكب الحداثة وينعم أهلها بالعيش الكريم).
لا تلتفتوا إلى الاسماء مهما تعددت وإلى الوعود مهما كانت براقة، ولكن اهتموا بالبرامج وبالسياسات والرؤى، لن يجدينا تكرار سياسات أثبتت فشلها ولا العودة إلى الماضي، ولن يفيدنا تجاهل نواقيس الخطر التي يقرعها الخبراء من حولنا، ولا الاستمرار في ريعية الدولة.
لا تفرحوا بمن سيجلب المعونات وسيوظف أولادكم في القطاع العام، وان لم تكن هناك حاجة لهذا القطاع المنهارة مؤسساته، لا تبحثوا عن الأسماء ولكن ابحثوا عن من يصدقكم القول ويواجهكم بحقيقة أنفسكم، ويدفعكم نحو العمل والالتزام بالقانون ويحارب بكم ومعكم الفساد، ويبعدكم عن ثقافة المحاصصة وثقافة الغنيمة والفساد والارتجال والاستسهال، ابحثوا عن المنهجية التي تواجه الميليشيات والتطرف وتوحد المؤسسات وتجعل الدولة تحتكر السلاح ولا تهادن ولا تتخاذل. انشدوا العدل والمصالحة والمواطنة المتساوية وإنفاذ القانون وتحرير الاقتصاد والحوكمة الرشيدة.
إذا التغيير المنشود ورؤيته معلومة وممكنة، وما نحتاجه لكي تتحقق هو خلق الارادة السياسية التي تؤمن بليبيا الواعدة وبحشد الدعم المجتمعي لها، ولم يعد لنا وقت نضيعه وان 24 ديسمبر لناظره قريب.
حفظكم الله وحفظ الله ليبيا