الحلم التاسع: الرعاية الصحية
بقلم د. يونس فنوش
الأعمال الكبيرة تبدأ دائماً بحلم يراود شخصاً أو أشخاصاً، يؤمنون به وبفائدته للحياة وللأحياء.. ثم يسعون بكل ما لديهم من جهد ومال ووقت لجعله حقيقة ملموسة على أرض الواقع..
وليبيا القادمة هي الآن شذرات أحلام تراود فكر وخيال نخبة من أبناء الوطن، سوف يتوقف تحققها على أرض الواقع على قدرتهم على اجتياز حالة الإحباط واليأس ونقص الثقة في الذات، وإصرارهم على تجاوز العقبات والصعاب، حتى يروا حلمهم متحققا فعلاً على أرض الواقع، فيحق لهم آنئذ أن يرددوا قول الشاعر:
فإذا الحلم حقيقة والأماني إرادة
الحلم التاسع
الرعاية الصحية
لا يختلف اثنان منا مطلقاً على فكرة أن الرعاية الصحية في بلادنا قد انحدرت إلى مستويات لا مزيد من إمكان الهبوط تحتها.. وفي مقالة سابقة تحدثنا على الحلم بأن توجد لدينا الدولة القادرة على وضع وتنفيذ سياسات لإنشاء المنتجعات والمدن العلاجية، المصممة لتوفير كل ما يلزم المواطن الليبي للعلاج والحصول على ما يلزم من رعاية صحية، داخل بلاده، دون أن يتجسم مشاق وتكاليف السفر إلى الخارج..
ولكني في هذه الورقة أريد أن أطور هذا الحلم إلى مستوى أعلى، وهو أن توجد الدولة التي توفر لكل مواطنيها المستوى اللازم من الرعاية الصحية، وتتكفل بتغطية تكاليف العلاج والدواء، من خلال نظام التأمين الصحي الشامل.
لن نكون بالطبع أول من يفكر في هذا، ونحن نتابع ونعرف كيف توفر الدول المتقدمة هذا النوع من التأمين لمواطنيها، وكما يدفع المواطن طوال سنوات خدمته في الدولة أو في القطاع الخاص نسبة محددة، تستقطع من مرتبه، تودع في صندوق الضمان الاجتماعي، كي يحصل عندما يبلغ سن التقاعد على معاش يسد حاجته بقية عمره، فإن نظام التأمين الصحي يتم بالطريقة نفسها، وهي أن يدفع المواطن أقساط التأمين، مقابل أن يحصل على ما يحتاجه من علاج ودواء..
إننا نتابع ونتألم ما يعانيه مواطنونا في سبيل الحصول على العلاج وتوفير الدواء اللازم، الذي باتت أسعاره تتصاعد بشكل مخيف وغير مبرر. أما حين نتحدث عن دواء الأورام أو الأمراض المزمنة فحدث ولا حرج، فالمواطن يضطر إلى بيع كل ما يملك، إن كان يملك شيئا، كي يوفر ثمن دواء أو تكلفة رحلة إلى الخارج لتلقي العلاج.
ولعل من أولى حقوق المواطن على الدولة أن يحصل على ما يلزمه من رعاية صحية كاملة، ونحن نحلم بأن توجد الدولة التي توفر له هذه الرعاية داخل بلاده، ولا يحتاج إلى السفر إلى الخارج للبحث عنها.