سلسلة دعونا نحلم: الطاقة
بقلم د. يونس فنوش
دعونا نحلم
الأعمال الكبيرة تبدأ دائماً بحلم يراود شخصاً أو أشخاصاً، يؤمنون به وبفائدته للحياة وللأحياء.. ثم يسعون بكل ما لديهم من جهد ومال ووقت لجعله حقيقة ملموسة على أرض الواقع..
وليبيا القادمة هي الآن شذرات أحلام تراود فكر وخيال نخبة من أبناء الوطن، سوف يتوقف تحققها على أرض الواقع على قدرتهم على اجتياز حالة الإحباط واليأس ونقص الثقة في الذات، وإصرارهم على تجاوز العقبات والصعاب، حتى يروا حلمهم متحققا فعلاً على أرض الواقع، فيحق لهم آنئذ أن يرددوا قول الشاعر:
فإذا الحلم حقيقة والأماني إرادة
ــــــــــــــــــ
الحلم السادس
الطاقة
لا نحتاج بالطبع أن نكرر القول حول حجم الكارثة التي نعيشها في مجال إنتاج الطاقة.. فما زالت مدننا وقرانا تعاني من انقطاع التيار الكهربائي، الذي كثيرا ما يستمر لعدة ساعات في اليوم..
ولا نحتاج للقول بأن هذا، إلى جانب تردي المستوى في العديد من الخدمات الأخرى، يعد وصمة عار في جبين المسؤولين الذين تحملوا المسؤولية عبر السنوات الماضية، وفشلوا في القيام بالحد الأدنى مما عليهم وبوسعهم القيام به لتحسين الأداء.
وهنا دعونا نحلم بأن توجد لدينا دولة تضع في رأس قائمة مستهدفاتها وضع السياسات الكفيلة بإنهاء هذه المأساة.. من خلال الشروع فوراً في الولوج إلى عالم التقنية الحديثة المتطورة لإنتاج الطاقة الكهربائية.
وإذا أخذنا في الاعتبار أن العالم منذ سنوات أخذ يتحدث عما يسمى الطاقة النظيفة (وهي الطاقة المنتجة من الشمس والرياح)، فلعله لن يكون من أحلامنا البعيدة أن نحلم بالوصول من خلال استثمار هذه التقنيات الحديثة إلى إنتاج طاقة كهربائية، لا تكفي لتغطية الاستهلاك المحلي منها، بل تفيض عن هذه الحاجة، بما يجعلها قابلة للتصدير إِلى الخارج، كي تتحول في منظور ليس بعيداً ، إلى مصدر دخل إضافة يساعد في تحولنا من حالة الاعتماد الكلي على إنتاج النفط والغاز.
وإذا وضعنا في حسابنا تلك الدراسات العلمية التي تؤكد أن لدينا في الصحراء الليبية (الصحراء الكبرى) منطقة يمكن أن تنتج، من خلال استغلال الطاقة الشمسية، ما يفيض عن حاجة الاستهلاك المحلي، ليغطي حاجة قارة أوروبا كله. ولنا أن نتخيل كم يمكن أن يوفر لنا ذلك من دخل إضافي.
أما الحلم الآخر المتصل بهذا الحلم فيتعلق بالحلم بأن نبلغ حالة الاستغناء عن التزود بغاز الطهي من خلال أسطوانات الغاز التقليدية، ونبلغ مرحلة إيجاد بنية تحتية من شبكة تزويد البيوت بالغاز، كما تزود بمياه الشرب وبالطاقة الكهربائية.
وكي نستوعب أبعاد هذا الكلام ما علينا إلا النظر إلى ما تقوم به جارتنا مصر، لنرى أن أحلاما أكبر وأضخم من هذه تأخذ طريقها الآن للتحقق.. وسوف نخجل من أنفسنا عندما نتابع ما تخطط له مصر من بناء عاصمة إدارية جديدة، يقال إنها مصممة لاستيعاب ما يزيد عن خمسة ملايين نسمة..أي ما يقرب من سكان ليبيا كلها.. وهي مدينة مصممة على أحدث الطرز المعمارية، ومزودة بكل ما يلزم من بنى تحتية، تشمل شبكات الماء والكهرباء والغاز والاتصالات، وشبكات الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار…إلخ
فدعونا نحلم.. ثم نبحث عن الدولة القادرة على تنفيذ هذه الأحلام..