سلسلة (دعونا نحلم) … الإسكان والزواج
بقلم د. يونس فنوش
الأعمال الكبيرة تبدأ دائماً بحلم يراود شخصاً أو أشخاصاً، يؤمنون به وبفائدته للحياة وللأحياء.. ثم يسعون بكل ما لديهم من جهد ومال ووقت لجعله حقيقة ملموسة على أرض الواقع..
وليبيا القادمة هي الآن شذرات أحلام تراود فكر وخيال نخبة من أبناء الوطن، سوف يتوقف تحققها على أرض الواقع على قدرتهم على اجتياز حالة الإحباط واليأس ونقص الثقة في الذات، وإصرارهم على تجاوز العقبات والصعاب، حتى يروا حلمهم متحققا فعلاً على أرض الواقع، فيحق لهم آنئذ أن يرددوا قول الشاعر:
فإذا الحلم حقيقة والأماني إرادة
ــــــــــــــــــ
الحلم الرابع
الإسكان والزواج
قد يستغرب البعض هذا الربط بين الإسكان والزواج.. وقد قصدت ذلك قصداً لأني أرى أن من أهم العوامل التي تعيق إقدام الشباب على الزواج، هو العجز عن توفير السكن، الذي أصبح يقع في خانة المستحيل بالنسبة لأي شاب ليس له سند يسنده من أب أو أسرة ثرية.
وقد لا يكون من البعيد أن نحلم بأن توجد تلك الحكومة التي تتمكن من إيجاد تلك السياسات، وتلك الخطط، لمساعدة الشباب في الحصول على مسكن يبنون فيه أسرة.. باتباع البرامج والسياسات التي نفذتها دول أخرى كثيرة، من خلال أساليب الإقراض الميسر، الذي يمكن الشاب من امتلاك بيت، بعد دفع أقساط شهرية على مدى 20 أو حتى 30 عاماً مثلاً.
إن هذا الكلام ليس مجرد حلم يطلق في سماء الخيالات والأوهام، ولكنه ينطلق من إدراك مباشر لحجم الكارثة التي يتعرض لها مجتمعنا جراء هذه المشكلة، فعجز الشباب والشابات عن الزواج، لبناء أسرة، يمثل تهديداً مباشراً لما نسميه الأمن الاجتماعي، من حيث إن الزواج والعيش في كنف الأسرة، سبيل مؤكدة لحماية الشباب من الانحراف الخلقي والتعرض لمختلف التشوهات النفسية والاجتماعية، إلى جانب أنه وسيلة المجتمع لضمان بقائه ونموه وتجدده.
إن مختلف الدراسات والإحصاءات تشير إلى تناقص فاجع في معدل النمو السكاني، فتدني نسبة المتزوجين، يعني بالضرورة تدني أعداد الأطفال المنجبين. وبالنظر إلى قلة عدد السكان أصلاً في بلادنا فإن هذا يجب أن يطلق صفارة إنذار بالخطر، أعني خطر تحول المجتمع الليبي إلى مجتمع أقرب إلى الشيخوخة، بسبب تناقص أعداد المواليد، ومن ثم أعداد الشباب الذين يكونون طاقة المجتمع على العمل والإنتاج.
وإني مقتنع تماماً بأن على أي حكومة وطنية قادمة أن تضع في أولوياتها سياسات مدروسة بمنهجية علمية لحث ومساعدة الشباب على الزواج وبناء الأسرة، من خلال تذليل مختلف العقبات والصعاب التي تحول دون ذلك..
وإني أحلم بأن توجد لدينا تلك الحكومة التي تضع هذه القضية في أولوياتها، فتقوم بالدراسات العلمية والاجتماعية والاقتصادية، التي يمكن أن تسهم في خدمتها، من قبيل تذليل صعوبة الحصول على السكن، وتنفيذ برامج التوعية للتقليل من تكاليف ومصاريف الزواج، وتطبيق سياسات الدعم الاجتماعي والاقتصادي للأسرة وتوفير مستلزمات الأمومة والطفولة..